مدونة بدر بن ناصر

أفضل أبياتي

نُشرت في: آخر تعديل في:

متى يا فؤادي من هواك تتوبُ … وعن ذكر هذي الغانياتِ تثوبُ؟
أأقسمتَ لا تنفكُّ عن ذكرِ غادةٍ … سَجِـيسَ الليالي ما أقامَ عَسِيبُ؟!
وفي كلّ يومٍ تَـستَـبِـيكَ مَليحةٌ … لَّـها نَـسَـبٌ في الفاتنات قريبُ
بما ورّدَتـهُ من خدودٍ أَسِـيلةٍ … وَّما احمرَّ من تلك الشّفاهِ عجيبُ!
وجِـيدٍ (كأنّ الشّمسَ حَـلّتْ رِداءَها … عليهِ) ولم يَـستُـرْهُ عنكَ رقيبُ
وفَرعٍ أثيثٍ لَّا انتهاءَ لحُسنهِ … يَضُوعُ شَذاهُ وهْو عنكَ جَـنِـيبُ
ودرعٍ قشيبٍ لَّيس يُعرفُ شأنُـهُ … تَحيّـرَ فيه اللُّبُّ وهْو مُريبُ
إذا أقبلتْ في حاجةٍ خِلتَ أنّـها … خميسٌ عظيمٌ بالعطور يجوبُ
فواهًا لِّقلبٍ كلّما اجتنبَ الهوى … تلوحُ لهُ أمثالُها فيؤوب!

يريدون منّي أن أكونَ ممثِّـلًا … على نمطٍ صعبٍ يُّحاكي الّذي اختاروا
فإن حِدتُ عنهُ قِـيدَ شِبرٍ تَبرّموا … وقالوا: لكَ الويلاتُ والتّعسُ والعارُ
فقلتُ: (اتركوني) كي أعيشَ مُنَــعَّـمًا … بجنّةِ أهوائي (وسيروا كمَن ساروا)!
ولا تحسَِبوني سوف أُصبِحُ صورةً … لِّبعضكمُ إنّي عنِ الظّلم فـرّارُ

لمّا مررتُ بحقلِ وردٍ أحمرٍ … ألفيتُ عطرَكِ في شذاها الفاتنِ
وسمعتُ زقزقةَ الطيورِ فخِلتُها … رسلًا تُبلِّغُني سلامَ الشادنِ!

أيُّ َ شيءٍ تُـريـدُهُ … من صديقٍ تَـعودُهُ؟
قد تَّـناءت ديارُهُ … وتَـوارى تَـلِـيدُهُ
وَهْوَ بالوصل باخِلٌ … لَّيس يُجزى وَدِيـدُهُ
قلتُ: أبغي سعادتي … ورجائي مَـزيـدُهُ
إنّما الوصلُ للّذي … في نعيمٍ مُّـرِيـدُهُ
لستُ أبغي مُكافِـئًـا … طمأنَ القلبَ جُودُهُ

أما زلتَ بالصّبر الجميلِ مُعلِّـلًا … فؤادَكَ أنّي جيِّـدٌ وَّمفيدُ؟
وتحسَِبُ أنّي لا مَحالةَ مُقلِعٌ … عنِ الغيِّ، والظّنُّ القديمُ حميدُ؟
لقد كنتُ أُخفي ما أظنُّ مَذمَّـةً … وَّأُبدي لكم مَّا ترتضيهِ خلودُ
ولكنّني لمّا يئستُ منَ الهوى … وأيقنتُ أنّي مُخطئٌ وَّبعيدُ
قلبتُ لها ظهرَ المِجَنِّ ولم أُبَـلْ … بما ترتضيهِ خُلّتي وتريدُ!

أرابَـكِ منّا يا خلودُ خَـليقةٌ؟ … أمِ ازددتِ علمًا فاتّقيتِ حديـثَـنا؟
أمِ ازددتِ شُغلًا -وَّالمشاغلُ جَمّةٌ- … أمِ الكاشِحُ الممقوتُ فرّقَ بيننا؟
يُراوِدُني هذا السؤالُ ولم أعد … أطيقُ لهُ دفعًا؛ فرُدِّي عقولَنا!
بكُلٍّ تداوينا عنِ الشّوقِ والهوى … فزادَ التّداوي يا خلودُ قُروحَنا!

لماذا تتبعون فتًى غريبًا … كثيرًا ذنبُهُ والقلبُ غافِ
يُقاسي وحدَه شوقًا دفينًا … فيكتُمُه وتفضحُه القوافي
ويسألُه الصّدى وسْطَ الفيافي … عنِ الحُبّ المُصفّى والمرافي
وقد هام الفؤادُ بحبّ هندٍ … وَّريقَتِها التي مثلَ السُّلافِ!
وأترابٍ لِّهندٍ ساحراتٍ … لَّها الخُـلُـقُ المهذّبُ والخُرافي
إذا نظرتْ إلى شيخٍ تصابى … وحنّ إلى لياليهِ العِجافِ!
فلا تَعذِلْ -فديتُك- مُستهامًا … وَّأَقصِرْ إنّ ما ألقاهُ كافِ

رأيتُ ظباءًا كَشْحُهنَّ هَضيمُ … غداةَ وُرُودي الماءَ وهْيَ تعومُ
وراع فؤادي حُسنُهنَّ فلم أفُه … بحرفٍ، وَّعيني في الجَمال تَـهيمُ!

الحبُّ نبضٌ لِّلقلوب الطّاهره … ﻻ تحتويهِ المفرداتُ العابره
هو نظرةٌ... هو رحمةٌ وَّمودّةٌ … وَّهُـْـو اجتماعٌ لِّلخِصالِ الـنّادره!

ولي طعمانِ: أَرْيٌ ثمَّ شَرْيٌ … كطعم العيشِ في دار البلاءِ
أُذيقُ أحبّـتي أريًا فأريًا … وَّيلعَقُ شانئي صابَ الـتّـنائي
أُقرّبُ من تقرّبَ وارتضاني … وأحذرُ كلَّ مجهولِ الإخاءِ
وأتلو في المساء نشيدَ حزني … كما رتّلتُ أشعارَ الغِناءِ
وتسألُني المَلِـيحةُ -وهْيَ أدرى- … عنِ الجيشِ الّذي يغزو سمائي!
فقلتُ لها: هموميْ َ أرهقتني … وحسنُ الغيدِ زاد بهِ عنائي
فكم مِّن طَـرْفها مالت قلوبٌ … وَّقلبي -يا مَلِـيحةُ- كالهواءِ
تموجُ الأرضُ إن جاء الغواني … وصَيدُ الغيدِ مطلولُ الدِّماءِ

أفكرُ في كعكٍ لَّذيذٍ وَّصنعُهُ … يسيرٌ على كلِّ الورى وسريعُ
فهلّا وصفتم يا كرامُ طريقةً … أنالُ الّذي أبغي بها وأَبُوعُ!

لها مُقلتانِ تصيدُ القلوبَ … ووجهٌ بديعٌ يُّحاكي القمرْ
وثغرٌ يُّساقِطُ حُلوَ الكلامِ … فأنّى لمن يَّـلتقيها المفرْ؟
تعوذتُ بالله من حُسنِـها … وعند المساءِ تلوتُ السُّوَرْ

لأول الحبِّ إغراءٌ بآخرهِ … ومبدأُ الهمِّ إعجابٌ وَّتأميلُ!

إنّ الغَوانيَ حُـبُّـهُنَّ عناءُ … والبعدُ فيهِ راحةٌ وَّهناءُ

كلُّ الغَواني -في عُيونيْ َ- أنجُـمٌ … وَّالبدرُ أنتِ، فهل بغيرِكِ أُفتَـنُ؟

يقولونَ عيدُ الحبِّ جاءَ فأهدِها … خواتمَ ألماسٍ وَّلا تنسَ وَردَها!
فقلتُ: بعيدِ الحبِّ إنّي لكافرٌ … وَّلكنَّني بالشِّعرِ أَخطُبُ وُدَّها
وأعيادُ أهلِ الكُفرِ ليست تَّـحِـلُّ لي … بهذا قضى أهلُ العلومِ فرُدَّها
ولي عيدُ فطرٍ ثمَّ أضحًى وَّراءَهُ … وجُمعةُ أُسبوعٍ كذلكَ عُدَّها
فقالتْ: رضِيتُ الشعرَ أن جاءَ منكمُ … وهيّا إلى المأذُونِ نكتُبُ عَقْـدَها

يقولُ الطبيبُ الجاهلُ الحبِّ والهوى: … تناسَ الهوى واسلُ الحبيبةَ بالبُـعدِ
وما علِمَ المسكينُ أنَّ خيالَها … بقلبي مُلِـطٌّ وَّهْوَ باقٍ على العهد
فكيف أخونُ العهدَ أم كيف أجتري … على الضرب في الارض الفضاء بلا (هندي)!

رُبَّ من تهوى لقاهُ … ليس يدري عن هواكا
ربَّ أمرٍ ترتضيهِ … ليس يرضاهُ سواكا
يجوز تقييد القافية: (هواكْ، سواكْ) ولكني أحبّ الإطلاق!

تعاهدَني بالنصحِ -والنصحُ نادرٌ- … وَّكان فتًى لِّلمَكـرُماتِ خَـدِيـنَـا

أصونُ عنِ الأهواء قلبيَ والحِـجا … وأشغلُ بالعلم الجميلِ سُويعاتي
وأعلمُ أني -لا محالةَ- هالكٌ … إذا ما صرفتُ القلبَ نحوَ المليحات!
وفي كل يومٍ قد تَّقومُ قيامتي … لغانيةٍ لَّيست تُّـبالي بـ(جيناتي)

لمحنا الغِيدَ من مِّـيلٍ فمِلنا … عن السُبُل الحبيبةِ واستحينا
وأطرقنا الرؤوسَ فما ترانا … منَ الخجل المُبرِّحِ مُهتدينا
ورتّـلنا المثانيَ في خشوعٍ … وَّصلّينا النوافلَ خائفينا
وقلنا يا إلهَ الكونِ: هَبـنا … قلوبًا مِّثلَ قلبِ المُخبِـتِـينا

ما لي أحنّ إلى الزمان الغابرِ … وأصدُّ عينيْ َ عن تأمل حاضري
أهيَ الذنوبُ تصُـدُّني عن غايتي … أم مَّا تجددَ من هموم الخاطرِ

كنتُ أشدو بما أشاء ولكن … دونَ قَيدٍ مِّـنَ العَروض مُعيقِ
كنت كالطير صادحًا بالأغاني … في صباحي وخَـلوتي وطريقي
وأنا اليومَ رهنُ بحرٍ "خفيفٍ" … وَّطويلٍ وَّالوافِـرِ الموموقِ
فتعالَي وخلِّصيني منَ الأَسـ … ـرِ وفُكِّي قيودَ قلبي الغريقِ

تعلمتُ نظمَ القوافي ولكن … أباني القريضُ وأعرضَ عنّي
وكم قد بذلتُ لهُ من وُّقوتي … وأنفقتُ مالي وحسّنتُ ظنّي
تعاهدتُّ بالحبِّ أوزانَـهُ … وقرّبتُ شِعرَ الأوائلِ منّي
حنانيكَ يا شعرُ إنّي مُحِبٌّ … قليلُ التَّحفُّـظِ جَمُّ التّمنّي
فهلا رضِيتَ بلفظي اليسيرِ … وأرشدتَّ قلبي دروبَ التغنّي
أُناغِيكَ حينًا وَّحينًا أناغي … فؤادًا عليلًا كثيرَ التّجنّي
أرتل أشعاريَ المُطرِباتِ … وأسلو عنِ الهمِّ حينًا بفنّي

يقولون: ليلُ العاشقينَ قصيرُ … وما اللّيلُ إلا نظرةٌ وَّسرورُ
فقلتُ لهم: مَّا اللّيلُ إلا مَفازَةٌ … وَّمن يَّـضللِ الدّربَ المبينَ أسيرُ!

يا عاشقًا لِّلـغَواني … اُتـرُكْ سبيلَ الهوانِ
وغُضَّ طَرْفَك عنها … تَعِـشْ سليمَ الجَنـانِ
واقرأ كتابًـا مُّبينًـا … مِّن رَّبِّـنـا الرحمنِ
واسجُـدْ وناجِ قريبًا … وَّالجأْ إلى الـدَّيّـانِ
وصُم مِّنَ الشّهر بعضًا … وَّاسألْ فَسيحَ الجِنانِ
ولا تُصاحبْ ثقيلًا … وَّاحذر منَ البُهتانِ
وصَلِّ بعدُ وسلّمْ … على النّبيْ العَدنانِ

أتكتمُ حُبكَ والحبُّ بادٍ؟ … وَّفي العين منهُ عظيمُ الأثرْ !

كلّما قلتُ: سوف أكتُمُ شِعري … جاملَ القلبَ صاحبٌ أو غريبُ
فإذا الشّطرُ يستحيلُ بُـيوتًـا … وَّانضمامُ البيوتِ أمرٌ حبيبُ
فلهم مِّـنّي كلُّ شُكرٍ وَّوُدٍّ … مَّـا سرى السّاري أو أقامَ عَسيبُ
ولمن ثـبّـتَ الفؤادَ قديمًا … ألفُ شكرٍ مَّـا غرّدَ العندليبُ

يقولون: إنّـا لا نعُـدُّكَ شاعرًا … وَّأنتَ لدينا ناظِمٌ يَّـتَـقَـعّـرُ
وإنَـا بلونا ما نظمتَ فلم نجِـدْ … حرارةَ شِعرٍ بالفحولِ تُذكِّـرُ
فقلتُ: ذَروني أنظِـمُ القولَ جاهدًا … لَّعلي أنالُ الأُمنياتِ وأَظفَـرُ
ولا تَقرِنوني بالفحول لأنّـني … لدى الجريِ في مِضمارهم أتعثّـرُ
وقولوا لمَن رَّاموا القصيدَ: تَحفَّـظوا … وحاكوا بديعَ الشِّعرِ لا تتطـيَّـروا
وهذا أوانُ الحقِّ -يا ابنةَ صالحٍ- … فقولي بأنّي شاعرٌ يَّـتطـوّرُ
فقولُكِ عندي -لو علِـمتِ- مُقدَّمٌ … على كلِّ قولٍ -يَّـا خلودُ- وأخطرُ

وسائلةٍ عن بيت شِعرٍ أَجزتُهُ … بحذفٍ يَّـسيرٍ ثمَّ صار على (الخَبَبْ)
فقالت لنا: شكرًا وَّتـبًّـا وَّليتنا … نُجِـيدُ عَروضَ الشِّعرِ يا ناظمَ العرب!
فقلنا لها: عفوًا وَّتـبًّـا وَّإنّما … يرومُ عَروضَ الشِّعرِ من شاقَهُ الطَّرب

تصالحتُ معْ نفسي وقلتُ لها: اعلمي … بأنّ جميعَ الناسِِ أشعرُ من بدرِ!

ثقيلٌ على قلبي رَطانةُ مَعشرٍ … وَّعُجمتُهم مِّن غير داعٍ وَّلا عُذرِ

ما لي وللشِّعرِ أهواهُ ويَقلِيني … وأسهرُ اللّيلَ أُطرِيـهِ ويهجوني
قرّبتُ مليونَ قُربانٍ لِّـيَـقـبَـلَني … فَـلَجَّ في غَـيِّـهِ وازورَّ عن طيني
ناديتُ: يا شِعرُ، والأهواءُ جاثِـمَةٌ … على فؤادي وحسنُ الظنِّ يَحدُوني
فقال: لبّيكَ يا بدرًا أُسامِرُهُ … لكن تَحَـفَّظْ عُيونَ الشِّعرِ وادعوني
فقلتُ: مهلًا، إذن لَّن نَّـلتقيْ أبدًا … أو أحبِسَ النفسَ في هذي الدواوينِ!

أمّا أول بيت نظمته وقيّـدته فكان في ٣ شعبان ١٤٣٤ وهو:
عن الأهواء فلتنأى … وللخيرات فلتسعى!
والصواب أن أكتبَه:
عن الأهواء فلتنأَ … وللخيرات فلتسعَا!
لأنّ (تنأى) و (تسعى) فعلانِ مجزومانِ، وعلامةُ جزمِهما حذفُ حرفيِ العلّةِ منهما!
والألف التي في آخر (تَسْعَ) هي ألفُ الإطلاقِ!
والعَروضُ على وزن (مفاعيلُ) وهذا جائزٌ في بحر الهَزَجِ.

حقوق النشر محفوظة © ١٤٤٣ هـ